نجيب فراج – ذهب عدد من افراد عائلة مزهر التي تقطن في مخيم الدهيشة للاجئين لزيارة مسقط راسهم قرية خلدة التي تبعد 12 كيلو متر عن مدينة الرملة وهي تقع في منطقة جنوب فلسطين التاريخة، وقد ضم وفد افراد العائلة اجيالا مختلفة ممن عانوا مباشرة من النكبة او ممن عانوا من اثارها ولا زالوا نظرا لكون هذه النكبة مستمرة ومن بينهم الحاج ملحم خليل مزهر البالغ من العمر “80 عاما” ، وابراهيم محمود مزهر “58 سنة” وشقيقه حكيم وعمره 50 سنة، وابن شقيقه احمد اسماعيل مزهر”27 سنة”.
الزيارة المليئة بالعواطف
وقال ابراهيم ان الزيارة كانت مليئة بالعواطف التي انتابتها كثير من الالم خاصة وان الحاج ملحم الذي كان عمره وقد التهجير في عام النكبة نحو 12 عاما جثى على رمبيته وقت وصوله ارض خلده وبدا يقبل بارضها وترابها وبعد ذلك اخذ يشرح باسهاب عما يتذكره من معالم ومباني وجلها قد هدم وتغيرت مالعم القرية من حيث المباني ولكن الارض بقيت كما هي تبرابها الاحمر وحجارتها واشجارها المختلفة وخاصة اشجار الصبر والخروب والخيل الذي ظل منتصبا منذ ان ترك القرية التي كان عدد سكانها وقتذاك نحو 325 نسمة اما اليوم فان تعداد اهالي خلدة المنتشرين في اصقاع الارض سواءا بمخيمات الضفة والقطاع او في الشتات نحو الفي نسمة.
المنزل المتبقي
وقال ان ما تبقى من المنازل والمباني هو منزل جده مزهر مزهر والذي تحول الى متحف بداخله مقتنيات مختلفة معظمها من تراث القرية ولكن الاسرائيلون حولوها على انها مقتنيات اسرائيلية تدل على وجودهم في القرية وهو سرقة بكل ما تحمل الكلمة من معنى واقيم حوله منتزه ومقاعد يجلس عليها المتنزهون وهم بالتاكيد من المستوطنونين الذين احتلوا وسكنوا القرية واترابهم من الذين استوطنوا القرى العربية المنكوبة المجاورة لقريتنا، وقال “لقد شاهدنا ايضا احراشا واسعة مهملة بدون سكان موضحا بانه سبق له ان زار القرية في مرات ماضية وكذلك الحاج ملحم الذي لم تغب عن محياه وذكارته القرية بكل تفاصيلها اما حكيم واحد فانها المرة الاولى التي يشاهدون قرية الاباء والاجداد وكانت الواقعة كبيرة عليهما وعلينا حيث تبادر الى الذهن كيف اننا نجبر ان نسكن في مخيم ضيق بمساحاته وشوارعه وبقعة جغرافية لا تتعدى الكيلو متر المربع ويعيش فيها اكثر من عشرة الاف لاجيء ومهجر بينما كل هذه الاراضي في خلدة فارغة وفسيحة ليتبين مدى المؤامرة التي حلت بشعبنا جراء هذه النكبة الاليمة.
المعركة الشهيرة
وشرح الحاج ملحم خلال الزيارة عن تلك المعركة الشهيرة التي دارت عشية احتلال البلدة من قبل العصابات الصهوينية في السادس من نيسان عام 1948 حيث دارت معركة دموية عنيفة استبسل فيها المدافعون الثوار عن القرية وكيف تمكنوا من اعطاب دبابة لقوات النحشون ومقتل عدد منهم وقد ظلت الدبابة في مكانها كمعلم عن تلك المعركة وكتب عند المدخل المؤدي الى المكان التي بقيت فيه الدبابة المعطوبة اضافة الى اسماء القتلى اليهود باللغتين العبرية والانجليزية وقال ابراهيم ان ما يحز بالنفس ان يقام مثل هذا الصرح لتخليد اليهود المستقدمين الى الداخل اما الشهداء الفلسطينيين اصحاب الارض الحقيقيين فلا ذكر لهم، كما تطرق ملحم الى مسجد القرية الوحيد والذي حوله الاسرائيليون الى متحف لهم بعد ان جرى محوه كمسجد هذا اضافة الى قيام الاسرائيليين باستخدام اراضي واسعة من القرية لاغراض عسكرية حيث يعتقد بوجود قاعدة لسلاح الهندسة الاسرائيلية.
معلومات وذكريات وتصميم على العودة
وقال ابراهيم ان كل ما نملكه عن القرية هي معلومات وذكريات لكبارنا الذين تناقصوا بشكل كبير مع مرور الوقت وبعد انتقالهم الى رحمة الله تعالي، ولكنه اثر ان يحمل بضعا من حجارة بيت والده الذي وصفه بانه كان كبيرا وقد هدم المنزل في العام 2005 وحمل الحجارة معه الى منزله المتواضع في مخيم الدهيشة حيث جاء بهذه الحجارة من اجل الاحتفاظ بها وليعرف ابنائه عليها حيث كان يستمع الى حديثه نجله طارق البالغ من العمر عشر سنوات ورغم صغر سنه فان طارق يكتنز في عقله العديد من المعلومات عن القرية كعدد سكانها وقت النزوح وعدد سكانها اليوم وعن موقعها وبما كانت تشتهر ليؤكد في حديثه لمراسل”القدس” ووبطريقة برئية وحازمة بانها قريتي كان جدي يعيش فيها وانا متأكد انه سوف ياتي اليوم الذي فيه سنعود.
موقع القرية
كانت القرية مبنية على تل منبسط القمة، ومشرفة على مساحات واسعة من الجهات كلها. ولهذا اطلق عليها “القرية الكبيرة” وكانت تقع بالقرب من طريق عام يصل غزة بطريق الرملة- القدس ، بينما كانت شبكة من الطرق الفرعية تصلها بالرملة وببضعة طرق عامة رئيسية.
ويُعتقد أن موقعها هو الموقع نفسه الذي كان الصليبيون يسمونه 1596، كانت خلدة قرية في ناحية الرملة (لواء غزة)، وعدد سكانها 66 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل. ووُصفت خلدة، في أواخر القرن التاسع عشر، بأنها قري مبنية بالحجارة والطين، وقائمة على سفح تل، وفي ناحيتها الغربية بئر حجرية. وكان سكانها كلهم من المسلمين، ولهم فيها مسجد، وكانوا يتزودون المياه للاستخدام المنزلي من بئرين تقعان إلى الشمال من القرية، ويعملون في تربية المواشي وفي الزراعة البعلية؛ فيزرعون الحبوب وكميات قليلة من الخضروات. في 1944/1945، كان ما مجموعه 8994 دونماً مخصصاً للحبوب، و9 دونمات مروية أو مستخدمة للبساتين.
احتلال القرية
في 6 نيسان/أبريل 1948، عند بداية عملية نحشون، احتلت كتيبة من الهاغاناه خلدة وقرية دير محيسن المجاورة لها. وبعد أسبوعين من احتلال خلدة، سُوّيت بالأرض في 20 نيسان/أبريل. ويكتفي ((تاريخ الهاغاناه)) بالقول إنها احتُلّت ((بلا قتال)). وقد ظلّت المعارك تدور حول القرية في الأسابيع التالية، ولا سيما في الأسبوع الأخير من أيار/مايو؛ إذ امتدت الاشتباكات حول اللطرون إلى منطقة خلدة وتحوّلت إلى ما وصفته الصحافة بـ ((أكبر صدام عرفته الحرب حتى ذلك التاريخ