نجيب فراج -انشات صحيفة الاتحاد افتتاحية لها حول مفاوضات جنيف ثلاثة بشان الازمة في سورية حيث قالت ان إطلاق صفة “معارضات” في السياق السوري ثاقب جدًا. ليس لأن مجموعات المعارضة غير متجانسة سياسيًا وفكريًا – فهذا شرعي وقائم في العالم – بل لأنّ بعضها تظلّ مرجعيته وغايته وطنه سوريا، حتى لو اختلف مع النظام تمامًا ودعا الى تغييره؛ أما بعضها الآخر فيأتمر علانية من أنظمة خارجية (خليجية ومن تركيا..)
كذلك، فبعض الجماعات يصعب العثور على فروق جديّة بينها وبين جماعات التكفير مثل “جبهة النصرة” و”داعش”، لكن هذا لا يمنع نظام الاستبداد السعودي (وشبيهه القطري الى حدّ ما) من فعل كل شيء لحماية وفرض أصحاب الأفكار المنافية للدولة المدنية والمصرّين على دولة دينية بلون مذهبي محدّد.هذه الأخيرة، المعارضة التي تُحرّك من الخارج، الرياض تحديدًا، قدمت في الأيام الأخيرة مثالا على مهارات السيرك السياسي.. في البداية أعلنت مقاطعة محادثات جنيف، ثم عادت ووافقت، وبعدها (أمس) راحت تهدد بمغادرة الاجتماعات! كل هذا دون يتغيّر شيء حقيقي في واقع الأمور الميداني ولا الدبلوماسي. فهذه المواقف تتغيّر دون مبرّر بسرعة قياسيّة لأن هذه “التجميعة” السياسية ليس لها إرادة ولا قرار.. فهي تأخذ اوامرها (مثلما تأخذ أموالها ومنابرها) من النظام السعودي الجاهل، والذي بدوره مهما حاول الظهور كمستقل فإن الحبل الذي يربطه بالحظيرة الأمريكية محدود، وهناك نهاية لمداه..
الولايات المتحدة الرسمية لم تتحول طبعًا الى نصير للشعب السوري ومصلحته، لكن لا يمكن اتهامها بقلّة الذكاء وبأنها لم تتيقّن بأبشع الطرق أن للقوّة حدود. هذا كان درس أفغانستان ثم درس العراق، وهي تتنازل عن درس موجع مطابق في سوريا. لا يعني هذا أنها لا تحاول ممارسة كامل التأثير لفرض أجندتها هنا، لكن مساحة حراكها تقلّصت بوجود محور روسيا وحلفائها. ليس هذا الكلام “حديثًا رغبويًا” بل هو ما يحصل على الأرض وما يقرّ به حتى خبراء أمريكيون محسوبون على أروقة الحكم الأمريكية.
الحل الوحيد في سوريا هو التفاوض السياسي الذي يوقف القتل والدمار ويعيد الأرضية الصلبة والعادلة لدولة سورية موحدة مدنيّة وتعددية. في الوقت نفسه، من العبث ان يشمل التفاوض من لا يختلف تقريبًا عن عصابات التكفير، ومن يعتبر عاصمته السياسية الرياض وليس دمشق!