نجيب فراج- يبذل مهندس التصميم الفلسطيني جورج صفدي خوري كل جهوده من اجل نقل تجربته العميقة في هذا المجال والتي استمدها من فرنسا الى طلبته في كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة حيث يحاضر فيها منذ اكثر من عامين، وذلك بعد ان تمكن القس الدكتور متري الراهب رئيس الكلية من استقطابه لكي يصبح احد افراد اسرتها وذلك بعد ان التقى به في احدى المؤتمرات الدولية وفتح معه حوار من اجل اقناعه بالقدوم الى الاراضي الفلسطينية وتقديم ما يملك من خبرات وقدرات في مجال التصميم الهندسي وهو اختصاصه حيث تمكن القس الراهب من ان يقنع خوري من ذلك، وهو ليس الكفاءة الفلسطينية المغتربة الاولى التي تمكنت كلية دار الكلمة الجامعية من استقطابها وفي مجالات مختلفة.
المجيء الى فلسطين يحمل ايضا هدفا معنويا
ويؤكد خوري هذه الحقيقة وقال ان المجيء الى فلسطين له هدف معنوي كبير عدا عن ان المرء يشعر بانه يقدم شيئا لبلاده ولهذا فقد 
وافق على اقتراح القس الراهب رغم كل الصعوبات التي يمكن ان يواجهها المرء هنا اذا ما قيست بظروف فرنسا.
ولد المهندس خوري في بيت لحم وقد هاجر منها مع عائلته في العام 1977 الى فرنسا حيث يعيش فيها وكون وانجب ولدا وبنتا وقد درس فن التصميم والهندسة في شيكاغو الامريكية وعاد بعد ذلك الى فرنسا.
وخلال وجوده وعمله كمحاضرا في كلية دار الكلمة تمكن من انجاز الكثير من الانجازات ومن بينها تصميم قاعة “كريمة عبود” أول مصورة فلسطينية ولدت في الناصرة . ووالدها هو القس سعيد عبود، وهي تنحدر من عائلة ذات جذور لبنانية تعود إلى بلدة الخيام الجنوبية. وقد نزحت هذه العائلة إلى الناصرة في أواسط القرن التاسع عشر، ونشط بعض أفرادها في التبشير الإنجيلي، كما جرى تصميم قاعة “عيسى البندك” في الكلية ايضا وهو من مواليد بيت لحم عام 1896 م، ودرس في مدرسة خاصة بالتلغراف في القدس وأحرز الجائزة الأولى وعينته مديرية التلغراف في بيروت مديراً للتلغراف في صافيتا ثم عين مديراً للتلغراف في مدينة حمص السورية ثم عين مديراً للتلغراف في مدينة السلط بالأردن حتى سنة 1917.
ومنه عين مسؤولاً لإدارة التلغراف في القدس، وحينما دخل الجنرال اللنبي إلى القدس في 9/12/1917 ترك عيسى البندك عمله، إذ كان مخلصاً للدولة العثمانية ويعتبرها حامية لديار العرب من غزوات المستعمرين، كما يعتبر من رواد الاعلام الفلسطيني الاوائل.
صنع في فلسطين
هذا اضافة الى اشرافه على مشروع اطلق عليه “صنع في فلسطين” ومكون من 45 فتاة فلسطينية كلهن يتبعن كلية دار الكلمة 
ويتمركز جل عملهن التصميم بالزجاج والفيسفاء وباشكال مختلفة وبالفعل فقد تمكنت هؤلاء الفتيات من قطع شوط كبير بهذا الاتجاه وهناك انتاجات جيدة جدا وبدأنا بالفعل عملية التسويق من خلال الانترنت وهناك استحسان كبير بهذا الاتجاه ولم يقتصر التصميم على الزجاج والفيسفاء ولكن ايضا وصل بنا الى الذهب والفضة وهناك الكثير من الاشكال التي انجزت بهذا الاتجاه.
كما تمكن وخلال تلك الفترة تصميم العديد من الاشكال الاخرى من بينها عدد من المقاعد التي نصبت في باحة الكلية الخارجية واخرى كمشاجب للملابس والتي يتم تصميمها لاستخدامها لاغراض اخرى غير تعليق الملابس وايضا يكون لها مناظر داخل البيت ، حيث يلاحظ في التصاميم التي ينتجها مزج بين الثقافة الغربية والحضارة العربية.
هدية بيت لحم للبابا
والمهندس خوري هو من صمم الهدية المميزة التي قدمتها رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون لقداسة البابا فرنسيس الاول باسم مدينة بيت لحم وسكانها اثناء زيارته الى المدينة في الخامس والعشرين من الشهر الماضي حيث نحتها اكرم انسطاس بحجر القدس احمر اللون وهو ذات الحجر الذي استخدم في ترميم وتوسيع كنيسة المهد في القرن السادس، والمجسم على شكل قنديل يمثل ضوء مدينة بيت لحم المقدسة حيث ولد السيد المسيح، ويضاء القنديل بزيت الزيتون الفلسطيني.
ويعكس التصميم قلب مدينة بيت لحم القديمة بابراج اجراسها ومآذنها التي تظهر وحدة وتعايش سكانها وقاعدة قنديل على شكل نجمة بيت لحم الثمانية ، وهي مغلفة بصندوق خشبي رسم عليه واقع مدينة بيت لحم من جدار وحصار ، والصندوق مغطى بالكوفية الفلسطينية رمز المقاومة والنضال الفلسطيني.
تمثال ضخم لجوزيف بلاتر
وصمم خوري ايضا تمثالا كبير لرئيس اتحاد كرة القدم الدولي”الفيفا” جوزيف سيب بلاتر وذلك بطلب من اتحاد كرة القدم الفلسطيني وقد وضع هذا التمثال على مدخل اكاديمة كرة القدم بمدينة البيرة وهو من تنفيذه ايضا ويبلغ طول التمثال نحو ثلاثة امتار ومن يصل اليى الكلية يشاهد التمثال بوضوح ، وقد شاهد التمثال بلاتر ذاته في زيارته الاخيرة الى الاراضي الفلسطينية قبل نحو اسبوعين حينما جرى افتتاح الاكاديمة وقد اعجب كثيرا بفكرة التمثال ومن كيفية التنفيذ
انجازات كلية دار الكلمة
وجود المهندس خوري في الاراضي الفلسطينية وبشكل متواصل جعله ان يطل على الكثير من الجوانب في الحياة الفلسطينية وهو يتابعها عن كثب ويعتبر انه قد طرا الكثير من التطورات خلال السنوات العشر الماضية منها ما هو ايجابي ومنها ما هو سلبي، مشيرا الى انه سبق وان زار اليلاد العديد من المرات قبل ذلك كما ان زوجته جائت معه في العام 2002 وهي فرنسية الاصل حيث تجولت في الكثير من المناطق ولكن وامام الحياة الصعبة في التنقل والقيود الاسرائيلية قررت ان لا تكرر الزيارة وسط هذه العراقيل.
واشاد خوري ايضا بما انجز من بنايات واعمال ومشاريع من قبل الدكتور الراهب حيث قال ان كلية دار الكلمة الجامعية وما احتوته من بنايات ضخمة انجزت خلال السنوات القليلة الماضية هي من ارقى العمارات في مناطق الشرق الاوسط وهي من العمارات الراقية الهامة على الصعيد الدولية فهي تستخدم لاغراض كثيرة وتحتوي على بنايات جيدة من حيث الجوهر والشكل.
الدفن في ارض الاباء والاجداد
وفي نهاية اللقاء معه تطرق خوري الى قضية جوهرية ومصيرية في حياته وهو انه رفض استئجار مكان للقبر في فرنسا حيث وبعد سن الخمسين عاما يشرع السكان هناك باستئجار قبر لهم حسب التقاليد والحاجة لكون التحضير للقبر ياخذ وقتا كبيرا، ويعود رفضه لذلك لانه يريد ان يدفن في ارض الاباء والاجداد هنا في فلسطين حسبما قال.