نجيب فراج-اكد معهد الابحاث التطبيقية “اريج” ان النزاع على المياه كان وسيبقى احد أهم أبعاد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، فالهيمنة الإسرائيلية على مصادر المياه الفلسطينية لا تقف فقط عند حد السيطرة على هذه المصادر وانتهاك الحقوق المائية الفلسطينية بل تتضح ايضا من خلال الاكاذيب التي تقوم اسرائيل بالترويج لها من اجل تضليل الراي العام وتثبيت سيطرتها على مصادر المياه الفلسطينية.
جاء ذلك في تقرير اصدره معهد اريج في اعقاب ما قاله رئيس البرلمان الاوربي خلال خطابه الشهير في الكنيست الاسرائيلي وتطرقه الى التعامل العنصري في توزيع المياه.
وقال التقرير ان ” وقاحة دولة اسرائيل تتجلى في عدم تحملها للنقد ورفضها لأي شخص يقوم بالكشف عن الحقائق المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني ومواجهتهم بها فهي دائما تسعى وتحاول استبدال هذه الحقائق بأكاذيب لا اساس لها من الصحة كما تبين من خلال معطياتهم بالنسبة للحقوق المائية الفلسطينية. فكما هو معروف ان المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتوفر من مصدرين أساسيين هما المياه السطحية المتمثلة بنهر الأردن والمياه الجوفية المتمثلة بحوض الساحلي في قطاع غزة وأحواض الضفة الغربية. ولكن في ظل السيطرة الإسرائيلية الكاملة على مياه نهر الأردن أصبحت المياه الجوفية هي المصدر الأساسي والوحيد للمياه في الأراضي الفلسطيني المحتلة.
فبحسب سلطة المياه الفلسطينية فان كمية المياه المزودة للسكان الفلسطينيين في عام 2011 بلغت حوالي 88 مليون متر مكعب في الضفة الغربية مما يعكس ان معدل الاستهلاك اليومي للفرد ما يقارب 72 لتر في اليوم. وتوضح الأرقام إن كمية الاستهلاك في الأراضي الفلسطينية أقل من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبالغ 100لتر لكل فرد في اليوم. وهذا يعني ان العجز الفعلي في كمية المياه المزودة زاد عن 65 مليون متر مكعب. وهذا ما اكدته العديد من المنظمات العالمية في تقاريرهم ومنها منظمة امنستي والبنك الدولي، فعلى سيبيل المثال اشار تقرير البنك الدولي في عام 2009 ان المواطن الفلسطيني يستهلك 73 لتر/اليوم بمقارنة مع 300 لتر للمواطن الاسرائيلي. كما صنفت إحصائية لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) 194 تجمع فلسطيني في مناطق “ج” في الضفة الغربية بأنها تجمعات لا تتلقى إمدادات مياه بشكل مناسب، حيث: افادت ان ما يقارب 86% من اصل 64 تجمع سكاني موجود في مناطق “ج” بحاجة ماسة إلى إمدادات المياه في شمال الضفة الغربية ، كما ان 90% من التجمعات السكانية في مناطق “ج” غير مرتبطة بشبكة المياه في وسط الضفة الغربية ، اما في جنوب الضفة الغربية فانه يوجد حوالي 30000 فلسطيني غير مرتبطين بشبكة المياه، ناهيك عن ندرة توفير المياه التي منعت السكان من إحداث أي تطوير على نواحي حياتهم. كما وأشارت مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في حالات الطوارئ إلى أن هناك 441 تجمع فلسطيني في الضفة الغربية قادرين فقط على الحصول على أقل من 60 لتر من المياه لكل شخص في اليوم الواحد وهي نسبة تعادل 60% مما توصي به منظمة الصحة العالمية 100 لتر لكل شخص في اليوم.اكد التقرير ان سياسة إسرائيل الغير القانونية والعنصرية لم تقتصر في توزيع المياه على المستوطنات، فقد كان نصيب المستوطنات الزراعية أكثر، حيث أفادت Agrexco، وهي شركة إسرائيلية تعمل في مجال الزراعة، بان 60-70٪ من جميع المنتجات التي تقوم الشركة بتسويقها وبيعها يتم زرعتها في غور الأردن، حيث أنها تعمل على نطاق واسع مع المستوطنات الإسرائيلية هناك ومنها تومر، ميحولا، الحمرا، نيتيف هاجداد وبيت وادي عربة. وفي الوقت الذي يكافح فيه المزارعين الفلسطينيين المحليين في الأغوار من أجل إنتاج المحاصيل بسبب نقص المياه، تزدهر في غور الأردن الشركات والمستوطنات الإسرائيلية ليس إلا بسبب المنهجية المتحيزة في سياسة التوزيع للمياه في غور الأردن مما احدث حالة من التدهور في قطاع الزراعة الفلسطينية هناك حيث تدهورت المساحات الزراعية الفلسطينية الى اقل من 50000دونم في الوقت الذي يمكن فيه للفلسطينيين أن يزرعوا ما يزيد عن 300,000 دونم وهي مساحات زراعية إسرائيلية ومساحة المستوطنات والمناطق العسكرية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
ان سياسة التميز التي تنتجها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكها للحقوق المائية الفلسطينية تعتبر التحدي الاكبر الذي يعيق تنمية قطاع المياه الفلسطيني، فالعديد من السياسات الإسرائيلية كالإغلاقات والجدار الفاصل ومعيقات الحركة إضافة إلى عمليات هدم المنشئات المائية تحول دون إمكانية تطوير قطاع المياه وتشكل عائقا حقيقيا أمام قدرة الفلسطينيين على إدارة واستخدام مصادرهم المائية.