نجيب فراج – توجّهت منظمة بتسيلم إلى المستشار القضائي لعصبة “أيوش” (الضفة الغربية) مطالبة إياه بمنع استخدام الكلاب للاعتداء على مدنيين فلسطينيين غير مسلحين فورًا. ويأتي هذا في أعقاب الحادثة التي اُعتدي فيها على فلسطينييْن حاولا الدخول للعمل في إسرائيل، وذلك باستخدام كلاب كانت ترافق القوة العسكرية التي اعتقلت الفلسطينييْن.
وقالت المديرة العامة لمنظمة بتسيلم، جيسيكا مونطل، في رسالتها، إنّ “استخدام كلاب ضارية ضد المدنيين في مثل هذه الظروف هو أمر مرفوض أساسًا وهو غير أخلاقيّ. الحديث يدور عن وسيلة خطيرة لا يمكن السيطرة عليها، وهي تدبّ الذعر بين جمهور واسع، كما أدّت حتى الآن إلى إلحاق أضرار جسيمة بمدنيين”.
من الاستقصاء الذي أجرته بتسيلم حول الحادثة يتضح، أنّ ثلاثة شبان فلسطينيين من بلدة بيت أولا، وصلوا إلى جدار الفصل المحاذي لبلدتهم يوم الأربعاء، 15/5/2013، قرابة الساعة 19:00. الثلاثة لا يملكون تصاريح دخول إلى إسرائيل وقد كانوا ينوون اجتياز الجدار لغرض العمل. ووفقًا للاستقصاء، قامت قوة عسكرية بمشاهدة الثلاثة ودعتهم إلى التوقف ثم أطلقت الرصاص. بعد سماع صوت الرصاص، بدأ الثلاثة بالهرب عائدين صوب البلدة. وأثناء فرارهم، اعتدت كلاب على اثنين منهم، أطلقها –وفق الشبهة- الجنود لهذا الغرض، فيما أصيب الثالث في قدمه برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط أُطلقت باتجاهه. وقد كان الاثنان اللذان اعتدى عليهما الكلاب بحاجة إلى علاج طبيّ فوريّ وتم نقلهم بسيارة إسعاف عسكرية إلى مركز برازيلي الطبي في عسقلان . وفي الغداة حققت معهم الشرطة وأُطلق سراحهم وبيدهم دعوة للمحاكمة في محكمة عوفر العسكرية. وقد أطلق سراح الشاب الثالث بعد عدة ساعات من دون التحقيق معه.
خلفية لاستخدام الكلاب ضدّ مدنيين
وتنضمّ هذه الحادثة إلى عشر حالات سابقة وثقتها بتسيلم في السنتين الأخيرتين، اعتدى فيها كلاب بمسؤولية الجيش على 11 مدنيًا فلسطينيًا: في خمس حالات اعتدى الكلاب على فلسطينيين كانوا يحاولون الدخول إلى إسرائيل لغرض العمل؛ في حالة واحدة اعتدى كلب على متظاهر فلسطينيّ وفي حالة أخرى اُعتدي على شاب فلسطينيّ زُجّ في مواجهات بين شبان آخرين وبين الجيش؛ وفي ثلاث حالات أخرى اعتدت الكلاب على مدنيين، منهم امرأة عمرها 88 سنة، أثناء النشاطات العسكرية في مناطق سكنية.
من الأجوبة التي تلقتها بتسيلم من النيابة العسكرية بخصوص حالتين سابقتيْن توجّهت المنظمة بطلب فتح تحقيق لدى الشرطة العسكرية بصددهما، يتضح أنّ الجيش يواصل استخدام الكلاب في الحالات التي يكون لمدنيين لهم علاقة فيها، باستثناء تفريق المظاهرات. ووفقًا للأجوبة فإنّ فحص الجيش يتركز في شكل استخدام الكلاب وليس في مجرّد استخدامها. وقد تركّزت الإجابات في الإخفاقات المهنية التي وقعت في الحالتين، فقط، ولم تتركز في السياسة التي تسمح بالاعتداء على مدنيين غير مسلحين بواسطة كلاب.
فمثلا، قالت النيابة العسكرية بما يخصّ الحادثة التي اعتدى فيها كلب على متظاهر في قرية قدوم في آذار 2012، إنه بعد فحص الحالة تقرر عدم فتح تحقيق، حيث أنّ “مرور الفترة الزمنية الطويلة على تحرير يد المتظاهر من فكّ الكلب نبع من إلقاء الحجارة على الجندي الذي حاول تحرير عضة الكلب، إلى جانب ركل المتظاهرين للكلب وتحرّك المشتكي بشكل دائم، حيث أدت هذه كلها إلى قيام الكلب بإحكام فكّه بشكل أقوى وإلى تجديد العضة، وحقيقة أنّ الجنود لم يضعوا أقنعة الوقاية من الغاز حين أُطلق في المكان الغاز المسيل للدموع {على يد الجنود}”.
في حالة أخرى اعتدى فيها كلب على امرأة وابنها القاصر أثناء عملية اعتقال في بيت في بلدة إذنا في كانون الأول 2011، قالت النيابة العسكرية إنه وقع أثناء العملية “خطأ مهني من طرف القوة في تفعيلها للكلب” لذلك تقرّر عدم فتح تحقيق لدى الشرطة العسكرية المحققة.
يتضح من هذه الأجوبة، أنّ الجيش يرى في طريقة استخدام الكلاب بشكل عام والتي يمكن أن تؤدّي –عمدًا أو عن غير عمد- إلى جروح خطيرة للمدنيين غير المسلحين، أمرًا شرعيًا. مع هذا، وبخصوص الحالتين، قالت النيابة العسكرية لبتسيلم إنّ مسألة استخدام الكلاب سواءً في “عمليات الاعتقال” أو “أثناء أعمال الشغب” قد تم بحثها مؤخرًا. أما بخصوص حادثة تحريض الكلب على متظاهر، فقد جاء أنه “في ضوء الحادثة جرى استخلاص العبر وبُلورت تعليمات جديدة في مسألة استخدام الكلاب الضارية أثناء أعمال الشغب”. وبالفعل، بعد هذه الحادثة بفترة قصيرة، والتي وثقها متطوع في بتسيلم بالفيديو، نشرت وسائل الإعلام أنّ الجيش قرر وقف استخدام الكلاب لتفريق المظاهرات في الضفة. في المقابل، يتضح من الحادثة التي وُثقت في أيار الأخير، أنّ الجيش يواصل استخدام الكلاب للاعتداء على العمال الفلسطينيين الذين يحاولون الدخول إلى إسرائيل بلا تصاريح