نجيب فراج – وصف محمود ابو عودة رئيس الدائرة القانونية في اتحاد نقابات عمال فلسطين وضع العمال عشية الاحتفال بعيدهم انه الاسوأ منذ عدة سنوات، وقال “حينما نقول الاسوأ انما نقصد ان وضعهم بشكل عام سيء ولكن هذا العام ازداد سوءاً”.
جائت اقوال ابو عودة خلال مقابلة بمناسبة عيد العمال العالمي في الاول من ايار، مشيرا ان ذلك يعود لاستمرار البطالة المرتفعة في البطالة بصفوف العمال بشكل ملحوظ اذ ان المعدل العام يبلغ نحو 26 %مع ملاحظة ان اكبر نسبة بطالة وحسب الجهاز المركزي للاحصاء سجل في كل من خانيونس وبيت لحم، هذا اضافة الى غلاء المعيشة بشكل ملحوظ وبقاء اجور العمال متدنية وهذا لا يمس بوضعهم المعيشي وحسب بل ايضا يمس بكرامتهم وكرامة ابنائهم وبالتالي كرامة المجتمع باسره لان العمال قطاع اساسي في المجتمع يقومون ببنائه وتطويره وحينما يتم اضطهادهم فان ذلك ينسحب على كافة ابناء المجتمع، معتبرا تجاهل الحكومة الفلسطينية وضع خط للحد الادنى للاجور، وعدم وضع برامج حماية للعمال وعدم وضع خطة لمواجهة البطالة كل ذلك يزيد من سوء وضع العمال.
الغياب المتعمد
========
وقال ابو عودة ان العام الاخير تميز ايضا يازدياد في الاصابات والوفيات اثناء العمل في صفوف عمالنا، نظرا لغياب مباديء السلامة العامة في اماكن العمل المختلفة وخاصة في مجال البناء، وهذا الغياب هو غياب متعمد من قبل اصحاب العمل فلا يجوز على سبيل المثال ان يقوم صاحب العمل بالتامين على الالات والماكينات التي يملكها ولا يؤمن على العمال انفسهم وهذا انجلى خلال وقوع حوادث عمل مؤسفة وخاصة في بعض الافران في محافظة بيت لحم وبعض مناشير الحجر ولذلك فاننا نشدد بهذه المناسبة على اصحاب العمل المحترمين ان يبادروا بضرورة التامين على عمالهم وهذا ما ينص عليه القانون الفلسطيني اذ التعمد في عدم التامين يعرض صاحب العمل الى المسالة القانونية والاخلاقية والاجتماعية، فحينما يقع حادث وفاة لعمال لا سمح الله فان صاحب العمل سيتحمل المسؤولية لهذا الحادث حتى لو غير مؤمن على العامل وسيعوضه ماليا ايضا ولذلك فنحن نقول ان الافضل ان يؤمن صاحب العمل ليحمي عماله والانتباه لهم لانهم مصدر انتاجه وقوته المالية، وللاسف الشديد لا يستيطع اصحاب العمل غير المؤمنين الاقتناع بذلك الا بعد وقوع الكارثة، ومع ذلك فهناك ارتفاع ملموس من قبل ارباب العمل القيام بتأمين العمال لديهم
العلاقة مع اصحاب العمل
==========
ووصف ابو عودة العلاقة ما بين اتحاد نقابات العمال واصحاب العمل بانها غير ودية على الاطلاق وان ذلك يعود لهم وليس للنقابات وضرب مثلا على ذلك ان احد اصحاب العمل تجرا ليمد يده على عامل لديه وضربه بشدة وبعد ذلك طرده من عمله متنكرا لكافة حقوقه وكل ذلك بسبب ان هذا العامل عضو في اللجنة العمالية وعندما علم صاحب العمل طلب منه الاستقالة الا ان العامل رفض ذلك ليتطور الوضع بان اعتدى عليه بالضرب وطرده وحينما تدخل اتحاد النقابات ليحل المشكلة رفض التجاوب على الاطلاق، كما ضرب مثالا اخر تمثل باصابة جسيمة لاحد العمال الذي فقد نصف جسده اثناء العمل وكانت النتيجة المماطلة وادارة الظهر من قبل صاحب العمل لفترة طويلة حتى في متابعة العلاج.
واعتبر ابو عودة خلال حديثه ان عدم وجود محاكم متخصصة في مجال قضايا العمال يشكل تشجيعا لاضطهاد العمال لان العامل حينما يدرك ان قضيته ربما تستمر عدة سنوات في المداولات يختار الاسهل والاسرع والامتثال في التسويات خارج نطاق المحكمة مقابل ثمن زهيد لوكان الامر يتعلق بتعويض وما شابه، اضافة الى وجود ضعف في القضاء بشكل عام، وضعف في اداء وزارة العمل والقيام بدورها في كافة القضايا العمالية
المعاناة عند الحواجز
=========
اما ما يتعلق بوضع العمال الفلسطينيين داخل اسرائيل فهو معقد الى ابعد الحدود بحسب ابو عودة، مشيرا الى ان عددهم محدود للغاية لا يتجاوز 25 الف ويمرون في ظروف صعبة للغاية كما يعرف الجميع حيث يضطر العامل حتى يتمكن من الوصول الى مكان عمله في الساعة المحددة الخروج من منزله الساعة الثالثة فجرا وهنا يمر بطريق الالام بدءا من المدافعة حتى يدخل طابور التفتيش الاسرائيلي عند الحواجز العسكرية وما اكثرها مرورا للوصول الى التفتيش ذاته حيث الاسلوب المذل والاستفزازي في خلع الملابس واحيانا الصلب على الجدران وما شابه وانتهاءا بالورشة ذاتها حيث يفضل اغلب العمال النوم في مكان عملهم ان وجد كي يتجنبوا الانتظار عند هذه الحواجز ومذلتها، وفي الاسبوعين الاخيرين اقدمت قوات الاحتلال على سحب اربعة الاف تصريح لعمال يعملون في اسرائيل بدعوى المنع الامني، هذا اضافة الى ممارسة العقوبات الجماعية وبشكل خطير ضد العمال.
اجراءات التمييز العنصري
===========
وقال ان الامر لا يتوقف عند هذه الاجراءات بل وايضا عند اجراءات التمييز العنصري ومن بين ذلك انه حينما يحصل للعامل حادث عمل فان صاحب العمل الاسرائيلي يرفض علاجه في المشافي الاسرائيلية لينقل الى الجانب الفلسطيني عبر سيارة اسعاف اسرائيلية وعند خط التماس ينقل الى اخرى فلسطينية وكل ذلك لا يتم بدون اجراءات التنسيق البيرقراطية التي تضاعف زمن النقل وهو يتلوى الما، وزد على ذلك تكاليف النقل الذي يتكبدها العامل، هذا عدا عن حوادث اطلاق النار عند حواجز الجيش الاسرائيلي باتجاه العمال اثناء توجههم الى عملهم
النوم في مقبرة يافا
======
ويقول العديد من العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الكيان الاسرائيلي بان الظروف اشبه “بجهنم الحمرا” حسب وصف الشاب راجح موسى من بيت لحم حيث يعمل في مجال الطراشة والدهان داخل احدى العمارات السكنية الضخمة في تل ابيب وقد اضطر للمبيت هناك، ولكن المفاجأة كانت حينما اعلن انه نام في مقبرة يافا الاسلامية وهذا ما يحذوه عدد من اقرانه من مختلف انحاء الضفة الغربية اذ يبيتون داخل قبور ليست مشغوله بعد اذ يفترشون ارضها بفرشة او حرام حسب المتوفر، ولكن المفاجاة الاكبر حينما قال ان العمل يتعاركون فيما بينهم عمن يسبق للمبيت في القبور المفتوحة، وضرب مثلا على ذلك ان احد العمال جاءه ليلا وطلب منه اخلاء القبر الذي يشغله على اعتبار انه قد حجزه منذ عدة اشهر ويستخدمه كل ليلة وما كان من راجح الا الامتثال للطلب والبحث عن “مكان نوم اخر”!
الظلم المتشعب
=====
ويعود ابو عودة ليؤكد ان ظروف العمال الفلسطينيين صعبه على كل الصعد والاوجه ولا بد اولا من سن مزيد من القوانين لصالح هذه الطبقة اولا ومن ثم لا بد من تطبيق ما هو مسنون منها اذ ان الاخطر ان القوانين لا يتم تطبيقها تحت ضغط حاجة العمال لتوفير لقمة عيش لابنائهم فهم من جهة ومن الجهة الاخرى تحت استغلال ظروف والطمع فيهم من قبل ارباب العمل وفي ظل التجاهل الحكومي للعديد من احتياجاتهم بحسب ما يقوله ابو عودة.