Quantcast
Viewing all articles
Browse latest Browse all 11356

البطريرك طوال في عظة الميلاد: الحل ان نبقى هنا وان نموت هنا

Image may be NSFW.
Clik here to view.
1517683_385147031630729_255245556_n
نجيب فراج -تراس غبطة البطريرك فؤاد طوال بطريرك اللاتين في الاراضي المقدسة هذه الليلة قداس منتصف الليل الذي اقيم بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد لدى الطوائف التي تسير حسب التوقيت الغربي، حيث اقيم القداس في كنيسة القديسة كاترينا الرعوية بكنيسة المهد، وذلك بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله وزير خارجية الاردن ناصر جودة ممثلا عن العاهل الاردني عبد الله الثاني ووزير خارجية رومانيا تيتوس كورلايتان، اضافة الى رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون وحشد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين الفلسطينيين.

وخلال ذلك القى غبطة البطريرك عظة الميلاد المجيد رحب فيها بوجود الرئيس ابو مازن ورئيس الوزراء الدكتور الحمد الله وبوزير الخارجية الاردني والسفراء والقناصل وسائر ممثلي الدول والكنائس وبكافة الضيوف والحجاج في المدينة وقال “من مغارة بيتَ لحم، أُحييكم جميعاً تحيةَ الميلادِ والفرحِ والمحبة، تحيةَ الرجاءِ بغدٍ أفضلَ مِلؤُه السلامُ والوئامِ والصحةُ الجيدة”، موجها حديثه للرئيس ابو مازن بالقول”سيادةُ الرئيسِ محمود عباس، نشكركم لحضوركم اليوم مع وفد رفيع المستوى من حكومتكم وضيوفكم، ونصلّي من أجلكم، حتى تواصلوا مهمَّتكم في احقاق الحق وإقرارِ الأمنِ واسْتِتبَابِه، والعودةِ بالشعبِ الفلسطيني إلى لُحمَتِهِ ووَحدته، والسّعيِ إلى صُنعِ السلام، وتحقيق التقدمِ والازدهار. نسألُه تعالى أن يمنَحكم الهِدايةَ والحكمةَ والشجاعة لتحقيقِ ذلك. كما ونصلي من أجلِ كلِّ حُكّامِ الشرقِ الأوسط، وعلى رأسِهم جلالةُ الملكِ عبدِ اللهِ الثاني بنِ الحسين، الوصيِّ على المقدَّساتِ والأوقافِ في فلسطين”.
وقال في عظته “لعلَّ الكثيرينَ منكم محبطون لانهم يعتقدون أنَّ تحيةَ الميلادِ، لم تَعُدْ سِوى أُمنية بدون مضمون، ومُجرَّد عبارة فارغة يتداولُها الناس. فإذا ما أجرينا مقارنة بينَ ليلةِ الميلادِ المنيرة وليالي عالمِنا المظلم وشرقِنا الأوسطي المُعتم، لوجدنا بالفعلِ هُوَّةً عميقةً تفصلُ بينَها، فليلةُ ميلادِ الطفلِ الوديع يُقابلها ليالٍ قاتِمة من النزاعات والحروبِ والدمار، ليالي الخوفِ وعدمِ الأمان، ليالي الحقدِ والعنصرية البغيضة. ومن هذا المكان المقدس نستذكر جميع ماسي البشرية قي القارات الخمس من الحروب الاهلية في افريقيا الى الهزة الارضية في الفليبين مرورا بالاوضاع الصعبة في مصر والعراق والماساوية في سوريا، دون ان ننسى اهلنا في فلسطين: الاسرى والسجناء وذويهم الذين يعيشون بقوة الامل، والفقراء الذي خسروا ارضهم او اقتلعت اشجارهم او هدمت بيوتهم بحجة عدم الترخيص ، والعائلات التي تنتظر قرار لم شملها، والعاطلين عن العمل وجميع من يعانون من الظروف القاسية”.

واضاف موجها حديثه للسيد المسيح”يا طِفلَ بيتَ لحم، لقد تَعَبنَا من أنفُسِنا ومنْ أوضاعِنا.
وأمامَ هذا الواقعِ الصعبِ الأليم، نصرخُ ونستغيثُ إلى ربِّ السماء بكلمات نشيد المجيء: مِن عُمقَ أعماقِ الضَّلال، ندعوكَ يا ربَّ الجلال، تعالَ وارحمنا تعال. أنتَ ببلوانا عليم، أشفقْ علينا يا رحيم، تعالَ أصلح شرَّ حال”.
واضاف قوله “كلا لن نستسلمْ للياس لأنّ يسوعَ المسيحَ المخلِّص يسمع سؤالنا ويبشرنا بان السلامِ ممكن اذ لا شيء مستحيل لدى الله، وبان شعلة الرجاء لا تزال حية، وانه لا بد من احقاق العدل وانجاز السلام والمصالحة. لن نستسلمَ اذن للياس”، “من بيت لحم انطلَقت رسالةُ الخلاصِ والسلام، وإلى رسالةِ بيتَ لحم يجب أن نعود. اذ في هذهِ الليلة، يتجدد الوعد الإلهيُّ. في مثل هذه الليلة صَدَحتْ جوقاتُ الملائكةِ المجيدة: ((الـمَجدُ للهِ في العُلى! وعلى الأرضِ السلام، وبالناسِ المسرة))، ونحن بدورنا مدعوونَ الى التفاؤل والانضمامِ إلى جوقاتِ الملائكةِ هذه، فنجعلَ من أرضِنا أرضَ الرسالاتِ السماوية، أرضَ سلامٍ، وأرضَ حّجٍّ وبَرَكَةٍ لكلِّ الناس”.

وقال ” سلامُ المسيح سلامٌ شاملٌ وعادل. هو سلامٌ يجعلنا نرى في كلَّ شخص خليقةَ الله. سلامٌ يُعطي الحياةَ للناس ، ولا يَسلبُها منهم باسمِ إلهٍ يَقتلُ ويَذبحُ ويُهلِك، سلام لا يتغذى بالعنف. لذا، من هذا المكان اضم صوتي الى صوت البابا فرنسيس ونوجه نداء ملحا الى من يزرعون العنف والدمار بقوة السلاح: “أعيدوا النظر في من تعتبرونه اليوم عدوا يجب التخلص منه وكفوا ايدكم عنه لانه اخ لكم في الانسانية! انبذوا السلاح واذهبوا للقاء الاخر بالحوار والتسامح والمصالحة واعيدوا بناء العدالة والثقة والأمل من حولكم! من الواضح أن النزاعات المسلحة هي اقصاء متعمد لاي تفاهم دولي ممكن، وتخلق انقسامات عميقة وتمزقات يحتاج الشفاء منها إلى سنوات عديدة.”

واشار غبطته بالقول”اننا نعيش في الأرض المقدّسة وضعًا صعبًا لا يبدو له حلٌّ في القريب العاجل، وضعا صعبا نلمسُ آثارُه على جميع سكّان الأرض المقدّسة، وعلى المسيحيّين مثل غيرهم. هذا الواقع المؤلم يثير في نفوسنا تساؤلات عديدة ويبثّ في قلوبنا مخاوف كثيرة حول مستقبل وجودنا، وحول مصيرنا في هذه الأرض. ونحن بحاجة الى جواب الإيمان على هذه التساؤلات والمخاوف. الجواب ليسَ في الهجرة والرحيل ولا في القوقعةِ والانغلاق. الحلُّ هو أنْ نبقى هنا وان نعيش هنا وان نموتَ هنا. أرضنا مقدسة، وتستأهلُ لا بل تستوجب البقاء فيها لان بقاءنا دعوة الهية وبركة وامتياز لنا جميعا. وهنا ستظلُّ شعلةُ الإيمانِ مُنيرةً كنجمةِ المشرق، تُضيء الطريقَ لنا وللآخرين”.
ونور الايمان قادر أن يضيء كلّ مناحي حياتنا، حاضرنا ومستقبلنا، وأن يوجّه مسيرتنا. نرى في ضوئه أكثر وأبعد وأعمق وأعلى مما تقدر عليه العين البشريّة. الإيمان حكمة تجعلنا نأخذ القرارات الصحيحة في الوقت الصحيح. أمّا إذا غاب هذا النور، “أصبح كلُّ شيء مشوّشًا وأصبح صعبًا جدًّا التمييز بين الخير والشر، بين الطريق الذي يقودنا نحو الهدف والطريق الذي يجعلنا ندور في حلقات مُفرغة، بلا اتّجاه” (نور الايمان، 3)، وأصبح من العسير علينا أن نفهم كلّ ما نحن فيه في هذه الأرض وفي كنيستنا وماذا يريد الله منّا. الإيمان هبة من الله، وهبة الله قوَّتها في ذاتها، وتصبح قوّة فينا، بها نقدر أن نتمِّم إرادته القدّوسة بالرغم من ضعفنا البشريّ.
الله أمين حتى النهاية و لا يُخلِف وعوده. والذي يعزّز إيماننا به هو أنّ الله قادر على كلّ شيء، ويَعلَم كلَّ شيء ويحبُّنا. ومن ثم لا شيء يخيفنا: لا الحاضر ولا المستقبل، ولا الاضطرابات التي تعصف ببلداننا: لأنّنا ننظر ونرى ونؤمن ونعلم أننا آمنون بالأمان الذي يريده الله لنا.

أيُّها الطفلُ الإلهيُّ، يا مَن اختبَرتَ الهرب من وجهِ الطاغيةِ هيرودس وجندهِ الذين سَفَّحوا بأطفالِ بيتَ لحم قبلَ ألفيّ عامٍ ونيّف… تحنَّن على أطفالِنا وعلى كل اطفال العالم. تحنَّن على الاسرى وذويهم والفقراء والمهمشين والمستضعفين. نصلي في هذه الليلة من اجلهم ومن اجل الاسقفين والراهبات المخطوفين في سوريا. اعد لهم يا رب حريتهم وكرامتهم. وأُنظرْ كذلك إلى اللاجئين والنازحين….اعطف إليهم، وارسم على وجوهِهم ابتسامة الرجاءِ بغدٍ أقضل، بغدٍ يعودونَ فيه إلى أوطانِهم وبيوتِهم ومُمتلكاتِهم، بكرامة تليقُ بهم كبشرٍ، مخلوقينَ على صورتِكَ أيُّها الرحمانُ الرحيم.

أيُّها الطفلُ الإلهي، يا ربَّ الصلاحِ والرحمة، أُنظرْ إلى الارض المقدسة والى شعوبها في فسطين واسرائيل والأردنِّ، وإلى كل شعوب الشرقِ الأوسط، أُمْنُنْ علينا وعليهم بالمصالحةِ، فيصالحَ كلَّ إنسانٍ أخاه في الإنسانية، فنكونَ بأجمعنا إخوة لا بل ابناء لآبٍ سماوي واحد، ربِّ جميعِ البشرِ وفوقَهم جميعاً.

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 11356

Trending Articles