نجيب فراج – لم تتوقف معاناة المربي جهاد ابو عمشا من سكان مدينة بيت جالا عند حدود قرار فصله من عمله كمدير لمدرسة طاليطا قومي الكائنة في ذات المدينة بادارة واشراف الماني بل تعدى ذلك الى حرمانه من دخول المدرسة نهائيا ومتابعة وضع ابنائه الطلبة الثلاث في المدرسة وحتى منعه من توصيلهم اليها.
بدأت معاناة ابو عمشا البالغ من العمر 42 سنة والذي عمل كمدرس ومن ثم المدير العربي لهذه المدرسة ونائبا للمدير العام على مدى عشرين عاما حينما نشر على حسابه على الفيس بوك فيلما وثائقيا عن الجرائم الاسرائيلية التي اقترفت بحق اطفال واهالي قطاع غزة خلال الحرب الثالثة على القطاع في صيف العام الماضي حيث عبر عن مشاعره كأي فلسطيني عن الغضب الذي يعتري قلوب كافة الفلسطينيين والعرب وحتى احرار العالم ونشر صورا لبعض ما حصل باهالي القطاع وهي صور نشرتها كافة وسائل الاعلام حول العالم .
وكانت المفاجأة انه تلقى في الرابع من اب العام الماضي رسالة من القس ينس نيبر ممثل جمعية برلين التبشيرية المسؤولة عن مدرسة طاليطا قومي جاء فيها” انني اجد ان ما تنشره على الفيس بوك يعتبر اشكالية كبيرة ولكن بالطبع كونك نائبا لمدير طاليطا قومي فان نشر هكذا تصريحات يعد حساسا ، وان معظم الاشخاص لن يعتبروا ذلك تصريحا شخصيا فقط، وانما تصريحا لممثل عن طاليطا قومي او تصريحا لطاليطا قومي نفسها وهذا سيلحق الضرر بالمدرسة وبجمعية برلين التبشيرية وبالكنيسة اللوثرية”، وجاء في الرسالة ايضا” انه بالرغم من الغضب والحزن فانني اتوقع بان تتجنب التحريض ومقارنة الوضع الراهن مع بعض الاحداث التاريخية مثل النازية والمحرقة هو في الغالب غير مناسب ويخلق صراعات حادة وانتقادات واتوقع منك ان تعمل كصانع سلام لتكون المدرسة جسرا لصنع السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ولذا فان علي تحذيرك والتوقف عن نشر عبارات سياسية تحريضية وحذف عبارات كهذه من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها”.
واوضح ابو عمشا في حديث لمراسل”القدس” دوت كوم انه وبعد ان رفض ما جاء في هذه الرسالة من اتهامات مغرضة وانه يمارس التحريض قام مدير المدرسة الالماني رولف ليندمان بعقد اجتماع معه في السابع من اب من العام الماضي وبحضور الدكتور شارلي حداد مدير التربية للمدارس التابعة للكنيسة اللوثرية في فلسطين طالبه المدير وبشكل حاد وفيه الكثير من الغضب بالتوقف عن النشاط الاعلامي وقد انتهى الاجتماع بدون التوصل الى تقريب في وجهات النظر.
ومنذ ذلك الوقت ظلت العلاقة مشحونة بين ابو عمشا ورؤسائه في العمل من الالمان واتخذ خلالها العديد من القرارات من بينها توجيه انذار له وقرار حسم ما نسبته 54% من راتبه رغم وجود تعهدات بهذا الشأن نقضتها ادارة المدرسة الالمانية الى ان جرى استدعائه في السادس من اكتوبر من العام الماضي على وجه السرعه وبدون أي انذار جرى فصله من عمله دون ابداء الاسباب ومن دون ان يسلم ابو عمشا كتابا رسميا بذلك الا ان المسؤول عن المدرسة في جمعية برلين التبشيرية ينس نيبر اعلن وخلال اجتماع لجميع العاملين الذي اضربوا يومي السابع والثامن من اكتوبر مطالبين بالعدول عن قرار الفصل اعلن بان الفصل جاء على خلفية نشاطاته على الفيس بوك .
وترافق قرار الفصل ايضا بمنع ابو عمشا من دخول المدرسة وحتى ذلك التاريخ فهو لا يتمكن من الدخول ومرافقة ابنائه الثلاث الصغار اكبرهم في العاشرة من عمره واصغرهم في الصف التمهيدي ومن بين اطفاله فيرونيكا وهي في الصف الثالث الاساسي وهي تعاني من اعاقة حركية اذ يمنع جهاد من توصيلها داخل المدرسة حتى في ظروف الشتاء القارص اذ سبق وان وجه رسالة لوزير التربية والتعليم الدكتور صبري صيدم شرح فيه القرار الذي وصفه بالجائر بعدم السماح له بالدخول الى الحرم المدرسي وهو قرار غير قانوني ويمس بحرية الحركة ويؤثر نفسيا على اطفاله الذي يعرفون بان والدهم من دون اولياء الامور ممنوع من الدخول وسرد ابو عمشا احدى الامثلة التي واجهها بهذا الصدد انه في احدى الايام من هذا العام قام باصطحاب ابنته الى المختبر الطبي في بيت جالا لعمل بعض الفحوصات ومن ثم اصطحبها الى المدرسة وعندما وصل الى المدخل اغلق البواب الباب الرئيس في وجهه وقال هذه اوامر المدير الالماني بمنعك من الدخول، فرد جهاد على البواب بقوله”بانني قمت بفحص طبي لابنتي مشيرا الى تقرير المختبر واريد فقط بان اوصلها الى الساحة الرئيسية في اعلى تلة واغادر فورا الى عملي لانها لا تستطيع الصعود الى اعلى التلة للوصول الى الساحة بسبب اعاقتها الحركية ولكن البواب كرر بانه لا يمكنه السماح له بالدخول .
وبعد منعه قام بحمل ابنته ذات التسع سنوات الى خارج السيارة ووضعها عند البوابة الرئيسة وسحب يد حقيبتها المدرسية لتصبح عكازا لها حتى تستطيع المشي متكلة على الله والعكاز وطلبت منها البدء في المشي الى اعلى التلة لوحدها وكنت اراقب ابنتي من خلف البوابة وهي تسقط على الارض ومن ثم تقف ثانية والدموع في وجهها وهي مرتعبة ولحسن الحظ قام احد اولياء الامور والذي جاء متأخرا ذلك اليوم عن الدوام المدرسي لتوصيل ابنائه وساعدها في ذلك.
ووجه جهاد ابو عمشا نداء مناشدة لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور صبري صيدم من اجل التدخل ووقف كل هذا الانتهاك بحقه وحق اطفاله الثلاث وهم “ارميا، وفيرونيكا، وايليا ” وقد قال ابو عمشا في رسالة وجهها للوزير صيدم بقوله” لا استطيع ان اتصور كيف يمكن ان تكون ردة فعل وزير التربية والتعليم الالماني والاجراءات التي من الممكن ان يتخذها في حال تخيلنا وجود مدرسة فلسطينية في المانيا يقدم مديرها الفلسطيني على معاملة اولياء الامور من ذوي الاعاقة وحقوق الانسان ، ولا يكترث حتى للمباديء الاساسية للتربية والتعليم كونه مدير لصرح اكاديمي ويمعن بمخالفة القانون الالماني”.
وفي اتصال هاتفي مع مديرة التربية والتعليم في محافظة بيت لحم نسرين عمرو فقد اكدت لـ”القدس”دوت كوم انها تلقت عدد من الشكاوي من قبل المربي ابو عمشا وقد قامت التربية والتعليم بمخاطبة ادارة مدرسة طاليطا قومي حول منعه من دخول المدرسة مؤكدة ان هذا المنع غير قانوني ولكن ادارة المدرسة مصرة عليها وقالت عمرو، بان والدة الاطفال الثلاثة تعمل مدرسة في ذات المدرسة وهي تتابع ابنائها وتحصيلهم العلمي وكافة القضايا المتعلقة بهم بحسب ما كان رد المدرسة وهذا يشكل استعاضة عن والدهم، واوضحت عمرو بان القضية برمتها امام الوزير صيدم وان الافضل ان يلتقي ابو عمشا بالوزير ليشرح كل ملابسات القضية امامه.
هذا وقد حاولت”القدس” دوت كوم الاتصال بمدير المدرسة الالماني لاخذ وجهة نظر الادارة بالموضوع كان يرد في كل مرة انه في اجتماع مغلق حيث لم يتسنى الوصول اليه.
↧
فصل المدير من المدرسة وحرم من دخولها لمتابعة اطفاله لانه تعاطف مع غزة
↧