Quantcast
Channel: مدونه الصحفي نجيب فراج
Viewing all articles
Browse latest Browse all 11356

هنا مخيم عايدة …النكبة مستمرة والحياة تتحول الى نزيف دائم

$
0
0

20150828_173223نجيب فراج -تتزاحم القضايا والهموم في مخيم عايدة للاجئين وبشكل مكثف  على كافة الجهات الاقتصادية والامنية والمعيشية والحياتية، ولعل الزائر الى المخيم سرعان ما يكتشف جزء من هذه الهموم وذلك نظرا للاكتظاظ الكبير للسكان، وكذلك جدار الفصل العنصري المحيط من المخيم بجهتين متكاملتين، ولكن عندما يبدا الزائر الاستماع الى الناس يكتشف ان الهموم كبيرة للغاية تطال كل بيت وكل زواية ومن كل النواحي.
عندما وصلت الى المخيم بسيارتي لكي  اجري اللقاءات بادرني شابان بضرورة ان اركن السيارة في مكان يحميها على اعتبار ان قوات الاحتلال الاسرائيلي قد فتحت بوابة الجدار من جهة معسكر قبة راحيل شمالي المدينة وحينها ستندلع المواجهات مع الشبان والفتية ولذا تكون السيارة في مرمى  الرصاص والقنابل الاسرائيلية.
هاجس الاعتداءات الاسرائيلية الدائم
هذه الحادثة تثبت مدى وجود الهاجس الكبير لدى الاهالي نظرا لحجم الاعتداءات الاسرائيلية الخطيرة على السكان ومنازلهم فعندما تقع المواجهات يكون الرد الاسرائيلي خطيرا ويؤدي الى الحاق الضرر ليس بالمواطنين وحسب بل بمنازلهم وممتلكاتهم  وفي العديد من الاحيان تندلع الحرائق في بعض المنازل الواقعة على ما يعرفه الناس بخط النار، وهناك اجماع  على ان اسرائيل وجيشها يتعمدون تصعيد الاوضاع لممارسة المزيد من المضايقات بحق الاهالي.
وبهذا الصدد يقول الناشط المجتمعي البارز صلاح عجارمة مدير مركز لاجيء في المخيم والذي يتميز بامتلاك معلومات شاملة عن المخيم ومكوناته ان قوات الاحتلال حولت حياة  المخيم الى  وضع ماساوي لا يطاق ويشير الى ان هذه الممارسات لم تقف عند هذا الحد بل اقامت اسرائيل جدار الفصل العنصري من الجهة الشرقية  المؤدية الى مناحي القدس، ومن الجهة  الشمالية الشرقية باتجاه مدينة بيت لحم وقال” لقد كنا نصل القدس سيرا الى الاقدام ولكن بعد الجدار صار كل شيء بعيد “.
الموقع والسكان والجذور
يعتبر عجارمة مخيم عايدة الاكثر ثقافة وفكرا من بين المخيمات في الضفة الغرفة وهو احد العناوين للصمود والتحدي واثبت جدارته كثيرا خلال الانتفاضة الاولى، حيث يقع المخيم الى الشمال من مدينة بيت لحم ، وقد لجأ اليه اهلنا منذ النكبة  عام 1948 ويبلغ عدد سكانه اليوم حسب احصائيات الاونروا ما بين 4000 الاف مواطن الى خمسة  ويعيشون على مساحة تبلغ 66 دونما وفي عملية احصائية  سريعة فان الفرد  الواحد يشغل فقط عشرة امتار وهذا يدل على مدى الاكتظاظ السكاني الكبير وينحدر سكانه من 27 قرية وتجمع سكاني تم تهجيرها في العام 1948 وتشكل بلدة  راس ابو عمار العدد الاكبر من السكان بينما تشكل قرية دير يعقوب وتقع قرب مدينة اللد اصغر السكان، ومن بين القرى التي هجر اهلها منها  ويقطنون عايدة ايضا عجور وبيت جبرين، والمالحة والمسمية وعلار وابو غوش وزكريا.
مؤسسات المخيم
ويضم المخيم ثلاث مؤسسات فاعلة  تهتم بالاطفال والاشبال وهوياتهم وتنميتها وهي مركز لاجيء ومركز الرواد للعمل المسرحي ومركز شباب عايدة اضافة الى عدد اخر من المؤسسات اقل فعالية، الى جانب اللجنة الشعبية للحدمات التابعة لدائرة شؤون العائدين في منظمة التحرير الفلسطينية، كما يوجد في المخيم ثلاث رياض للاطفال وهي غير كافية، اما المدارس فعددها اثنتان واحدة  للبنين ويبلغ عدد الطلاب فيها نحو 450 طالبا والثانية للاناث ويبلغ عدد التلميذات فيها نحو 800 طالبة، مشيرا الى ان الوضع الاكاديمي في مدرسة البنات افضل من مدرسة الاولاد، وهناك مشكلة حقيقية في مدرسة الذكور هو التسرب منها اما المشكلة الاخطر في المدرستين هي الامية او ما اسميه التسرب الداخلي حيث يرفع الطلاب الى الصفوف العليا ولكن بدون التمكن من التعليم الجيد فهناك نسبة ليست بالبسيطة يصلون  الى الصفوف العليا دون التمكن من القراءة والكتابة بشكل جيد ولذا هنا تكمن المشكلة ونحن كمؤسسات وقوى وفعاليات داخل المخيم نظل على تواصل مع المعنيين من اجل ايجاد حل جذري لهذه المشكلة ولا بد من حلها او على الاقل في المرحلة الاولى التقليل منها وبالتالي من خطورتها.
وهنا مشكلة اخرى على الصعيد التعليمي اثارها عجارمة اثناء حديثه والمتمثلة بانتهاء  عقد الايجار لمبنى مدرسة الذكور حيث استأجرتها الوكالة من البطريركية اللاتينية لمدة عشرين عام وقد انتهى عقدها ونحن الان بصدد ايجاد حل لهذه المعضلة بمحاولة تجديد عقد الايجار.
حديقة مركز لاجيء.. متنفس ومكان للترويح
ويعتقد عجارمة ان من بين افضل المشاريع التي اقيمت في المخيم خلال العامين الماضيين هي حديقة مركز لاجيء والتي تحتل نحو الفى متر مربع وقد انتهى المركز مؤخرا من انشائها وتضم العديد من المرافق والالعاب ويؤمها ليس فقط الاطفال ولكن العائلات باكملها وخاصة ان الدخول مجاني من الساعة الثامنة وحتى الخامسة مساءا، لقد وجد الاطفال ضالتهم في نهاية المطاف لا سيما وان ملاذهم الوحيد كانت الشوارع الضيقة  وغالبا ما يقوم الكبار بطردهم منها لنجنب الازعاج اما اليوم فان الحديقة اصبحت لهم ملاذا ومتنفسا، ونحن الان بصدد العمل على اقامة مرافق اخرى من بينها ملعب خماسي لكرة القدم، حيث جرى شراء الارض بجوار الحديقة والعمل على تعشيبها، واعتبر ان اقامة الحديقة قبالة معسكر جيش الاحتلال في قبة راحيل هي مقاومة بحد ذاتها.
مؤسسات يحتاجها المخيم
ويقول عجارمة ان هناك مؤسسات اخرى يحتاجها المخيم ومن بينها روضة نموذجية كبيرة للاطفال، وكذلك مكان لكبار السن يستقبلهم في ساعات النهار ويوفر لهم الخدمات وخاصة وسائل الترفيه والراحة وهذا من شانه ان يحسن من نفسياتهم لا سيما وان الضجر والملل في حياتهم كبير جدا ولا بد ان يتم  وضع حد لمثل هذه المشاكل وذلك من خلال ايجاد مركز ايواء في ساعات النهار للتسلية للكبار.
وتطرق عجارمة الى مشاكل اخرى يعاني اهالي المخيم عدا الفقر المدقع الذي يدق كل باب بيت فمشكلة البطالة متفاقمة وتبلغ في صفوف الشبان ما بين 25 الى 30 %  ولا شك فان الجدار كان سبب كبير في رفع هذه النسبة، هذا اضافة الى انتشار ظاهرة المخدرات واصبحت ظاهرة مقلقة خاصة وان الشرطة لاتصل المخيم من اجل العمل على مكافحة هذه الظاهرة الى جانب انتشار السيارات الغير قانونية داخل المخيم.
ويعتبر عجارمة ان غياب الجهة المسؤولة عن المخيم وتعويم هذه القضية هو امر خطير ايضا فهنا تداخل في الصلاحيات حيث يتسائل المواطنون من المسؤول عن المخيم بشكل واضح هل هي السلطة ام التنظيمات ام وكالة الغوث وحقيقة ان جميعها تتقاسم المسؤوليات ولكن بصلاحيات غير كاملة وهنا تكمن المشكلة، وضرب مثلا على ذلك انه هناك اثنان من اعضاء المجلس التشريعي يمثلان اهالي المخيم وجرى انتخابهما وهما عيسى قراقع ومحمود الخطيب ولكن الاثنان قد رحلا من المخيم وسكنا خارجه ليصبح الاهالي بدون تمثيل نيابي.
الاعتقالات والاسرى
ولايمكن ان ينهي عجارمة حديثه  بدون ان يتطرق الى اولئك الاسرى في سجون الاحتلال حيث المداهمات الاحتلالية تتم بشكل شبه ليلي لمنازل المخيم اذ ان  الاعتقالات تشكل هما دائما لاهالي المخيم و يبغ عدد الاسرى نحو 70 اسيرا من بينهم  عدد محكومين بالسجن المؤبد اثنان منهم ما قبل اوسلو ورفض الاحتلال الافراج عنهم ضمن الدفعة الرابعة من الاسرى القدامى وهما ناصر  ومحمود ابو سرور ، اما عدد الشهداء فيبلغ منذ انشاء المخيم نحو 50 شهيدا قدموا انفسهم على مذبح القضية الوطنية .
ولدى تجوالنا في اروقة حديقة المركز حيث كان عدد من الاطفال يلهون في مرافقها وكان من بينهم الطفل عبد الرحمن عيد البالغ من العمر اربع سنوات والذي عبر عن سعادته لهذه الحديقة واجاب عن سؤال ماالذي ينقصها بقوله ارجوحتان واشار بيده عن المكان المناسب لنصبهما.
الجدار .. ومنع التجول
حول  الجدار الذي يحيط بالمخيم  الشوارع المجاورة له بالفارغة اذ ان المتجول فيها يشعر بانه يسير في ظل منطقة خالية من السكان او ممنوع التجول فيها، فالشارع الرئيس الذي كان يربط المخيم بمدينة بيت لحم من جهة قبة راحيل تحول من شارع حيوي يضج بالحركة وبالمحلات التجارية المختلفة والتي كان عددها لا يقل عن العشرين الى شارع مقفهر حزين حيث انعدمت الحركة واغلقت المحلات ابوابها وهذا هو جزء من الكارثة التي سببها الجدار.
وفي مكان اخر اطل شاب من برهة منزله الفقير ونادى علي كي اشرب قهوة واياه ليتحدث  عن ما يواجهه من وضع صعب حيث صعدت الى طابق رابع في منزل رث جدرانه مهترئة وسلم الدرجات محطمة  بالكامل وقد عرف على نفسه فاسمه مهند ابو عكر ويبلغ من العمر 35 عاما، ومتزوج ولديه ولدان الاول عمره ثلاث سنوات والثاني عمره ثمانية اشهر وهو الان عاطل عن العمل وكان يتلقى تعليمه الدراسي في جامعة القدس المفتوحه ولكنه غادرها نظرا لعدم تمكنه من دفع الاقساط، واستطرد في شرحه وهو يتناول سيجاره من جيبه ليدخنها وهي من سجائر”اللف” موضحا بانه سجين سابق لمدة اربع سنوات وعشرة اشهر، وسبق وان اعتقل من قبل السلطة لنحو عام، واوضح بانه يقطن في شقة بالاستئجار بشارع الصف بمدينة بيت لحم بعد ان ازدحم منزل والده واخوته بالصغار وهو الان قد اضطر  ليتواري في مخيم عايدة منذ عشرة ايام حيث حان موعد  دفع الايجار لصالح المالك وهو ليس لديه هذا المبلغ ففضل  التواري عن انظار صحاب الملك لبعض الوقت حتى يفرجها الله كما قال.
وفي مشهد اخر جلس اربعة شبان في مقتبل العمر على حافة درج لمنزل متواضع للغاية وكانوا يتبادلون الاحاديث بدون هدف أي لتضييع الوقت كما قال احدهم والاربعة قد استفاقوا من النوم عند الساعة الخامسة مساءا بعد ان يقضوا الليل بالسهر حتى الصباح ومن ثم ينامون طول النهار في كل يوم والسبب في ذلك حسب ما قاله احدهم وقد عرف على نفسه باسم محمد عبد الوهاب وهو بالتاكيد اسم مستعار مشيرا الى انه لا يوجد عمل وليس امامه الا هذا الخيار،  وقد انتب حديث هذا الشاب شيء من الهزل والغضب وبعض الاستفزاز حيث انعكس استفزازه وغضبه على شكل حديثه، اذ قال انه يستفيق الساعة الخامسة مساء كي يجلس على حافة النهر هنا وهو يشير الى قناة مجاري مفتوحة.
ومن المشاهد التي تثير الانتباه ايضا اقدام احد المواطنين البناء بجانب الجدار  غرفتين بدائيتين وبشكل عشوائي وذلك بعد ان لم يجد ماوى مناسب ياويه وعائلته وعلم ان هناك احتجاج عليه من قبل دير الامن حيث اقام  الجدار على ارض الدير فقسمها الى قسمين واحد امام الجدار والاخر خلفه ،  اذ انه يخشى فيما اذا سمح له ان يستمر في السكن فممكن ان يزحف الاهالي لاقامة مزيد من المساكن للمحرومين والمحتاجين وما اكثرهم  وتتحول المنطقة كلها وهي مساحة ليست بالقليلة الى منطقة عشوائية حسب عدد من النشطاء وذلك مع تكاثر السكان وازدحام المساكن وعدم تمكن معظم المحتاجين  من السكن خارجا نظرا لارتفاع اسعار العقارات بشكل باهظ ، وعلم ان هناك قرارا بهدم المسكن، حيث اكتفى الدير ان قدم مساحة واسعة من ارضه للمؤسسات لاقامة مسرح كبير بجانب الجدار يجري فيه احتفالات بين حين واخر وكان من بينها استقبال البابا  بينديكتوس السادس  عشر حينما قام بزيارة المخيم في عام 2008.
 ولدى خروجي من المخيم استوقفني عشرات الشبان والفتية متجمعون عند ما يعرف بمدخل مفتاح العودة وهو المكان الذي تحول الى مسرح للمواجهات مع قوات الاحتلال فحاولت التقاط صورة لهم وعندما اعترضوا على ذلك توقفت عن التصوير الا ان احد الشبان البالغين اتجه نحو وتحدث معي بلغة غليظة فيها الكثير من الاساءة وبعد وقت قصير جرى اصلاح الموقف اذ قدم اعتذاره على ما بدر منه بعد تدخل عدد من الوجوه، وقال في خضم اعتذاره انه اعتقد انني رجل امن وليس رجل صحافة ولهذا عبر عن غضبه بحسب قوله.

 
 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 11356

Trending Articles