نجيب فراج -اكد معهد الابحاث التطبيقية “اريج” انه ومنذ إنطلاق الجولة الأخيرة للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل قبل أربعة أشهر وتحديدًا في الحادي والثلاثين من تموز من العام الجاري وإسرائيل تتعمد وبشكل غير مبرر لتصعيد إنتهاكاتها ضد الفلسطينيين ومُمتلكاتهم ولبناء عشرات الالاف من الوحدات الإستيطانية علاوة على إبتداع قوانين جديدة لتكون عثرة أمام أي فرصة للوصول إلى حل نهائي مع الجانب الفلسطيني.
الأستيطان سيد الموقف
وقال “اريج” في تقرير استقصائي له انه وفي الفترة الزمنية القصيرة نسبيا والتي تلت إنطلاق المفاوضات ، أذهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان حكومته، الفلسطينيين والمجتمع الدولي، بقدرته الهائلة ليكون سبَاقًا ورياديًا في تصديه للفُرص السانحة أمام السلام وإفشالها في مهدها متسلحًا بأيدولوجيته اليمينة المُتطرفة ممزوجة بعنجهيتة وغطرسته المُعتادة، فبمجرد البدء في العملية التفاوضية إنكب نتنياهو على ممارسة هوايته المُعتادة وبدأ بإطلاق تصريحاته غير الواقعية وشروطه ولاءاته المعهودة.
في واقع الأمر وخلال هذه الدورة من المفاوضات أظهر نتنياهو حرصًا كبيرًا في محاولته إفشالها منذ البداية فقد أصدرت حكومته وبشكل منقطع النظير رخصًا وعطاءاتٍ لبناء 32,694 وحدة إستيطانية جديدة من أصل 37,327 وحدة إستيطانية أعلنت السلطات الإسرائيلية عنها منذ بداية العام الجاري في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
(87.5% من الوحدات الاستيطانية التي أعلن عنها منذ بداية العام 2013 تم إصدارها بعد بدء الجولة الأخيرة من المفاوضات).
هذا وقد دفع المواطن الفلسطيني ثمنًا باهظًا لهواية نتنياهو، فقد قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي ومنذ بدء الجولة الاخيرة من المفاوضات بهدم ما يزيد عن 400 منشأة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس بحُجة عدم الترخيص ناهيك عن إصدار ما يزيد عن 600 أمر عسكري وإداري لهدم المنازل والمُمتلكات ومصادرة أكثر من 9,000 دونما لصالح المشروع الإستيطاني والتوسعي الإسرائيلي ،وحتى الاشجار لم تسلم من إعتداءات قوات الاحتلال وقُطعان مُستوطنيه فقد تم تدمير وإقتلاع وإتلاف ما يزيد عن 11,000 شجرة في نفس الفترة.
زمن نتنياهو…….زمن العجائب
وفي خضم الزخم الإستيطاني والتوسعي والإنتشاء الإسرائيلي بتصريحات رئيس الوزراء تعاظم المد اليميني المتطرف ووصلت العدوى لعقول السَاسة الإسرائيليين وأعضاء الإتئلاف الحكومي لدرجة تشبيه الوزير الليكودي المتطرف عوزي لانداو الإنسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية بمُعسكر الإعتقال النازي “أوشفتس” وأخر هذه التصريحات كانت للرجل الثاني في الحكومة الاسرائيلية ووزير الاقتصاد الاسرائيلي نيفتالي بينيت والذي صرح قبل أيام قليلة بأنه لن يكون هناك اي إنسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية ولن تكون هناك دولة فلسطينية ولن نُعطيهم أي قطعة أرض!
تغيير واقع المسجد الأقصى نهاية لمُسلسل تهويد القدس
وشدد التقرير على إن إستهداف إسرائيل للمسجد الأقصى المبارك دلالاتٍ ومعانٍ كبيرة تتخطى بعضها المكانة الدينية الكبيرة للمسجد ،ليس للفلسطينيين فحسب، بل لأكثر من مليار مسلم على مُستوى العالم فأيضا و يُمكننا القول أنه ليس من قبيل الصُدفة أن تُصعد الحكومة الإسرائيلية بشكل مُتزامن مع إنطلاق المفاوضات من إنتهاكاتها للمسجد الأقصى ليس فقط من جانب الإقتحامات الإاستفرزازية للمستوطنين لباحات المسجد تحت حماية جحافل من قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية بل ووصل الأمر إلى بدء الحكومة الإسرائيلية بالتحضير لقوانين وتشريعات وقرارات تودي بالسيادة الاسلامية (المتمثلة بالاوقاف الاسلامية) على المسجد ومنها قيام حزب البيت اليهودي بزعام اليميني المتطرف “نيفتالي بينيت” بإعداد قانون قانون يسمح لليهود الصلاة في الحرم القدسي ففي الرابع من شهر تشرين الثاني من العام الجاري تم تقديم المقترح للنقاش في جلسة خاصة لما يعرف “بلجنة الداخلية في الكنيست الاسرائيلي” لبحث إضافة الحرم القدسي ضمن قانون ما يعرف ب “المحافظة على الاماكن المقدسة” وبذلك لا يكون هناك ما يمنع اليهود من الصلاة في باحات المسجد الأقصى علما بأن مشروع القانون يحظى بموافقة أحزاب: الليكود الحاكم بزعامة نتنياهو والبيت اليهودي بزعامة نيفتالي بينيت وإسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان وحزب يهودا لتوراه بزعامة ياكوف ليتسمان.
نتنياهو ودُبلوماسية الجُدران
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إعتاد على سياسة الفصل والجُدران فبعد جدار الضم والتوسع والذي تكمل حُكومته بناؤه ويقطع أوصال الضفة الغربية المحتلة وصل الهوس الأمني لأن يقرر نتنياهو أن يقيم جُدران تحيط بالحدود الجنوبية مع مصر والشمالية مع لبنان (تمتد من منطقة المطلة إلى كفركلا اللبنانية على إرتفاع خمسة أمتار وبطول كيلومتر واحد) والشرقية مع الأردن بدعوى الحفاظ على أمن دولة إسرائيل ومنع تهريب السلاح وتسلل اللاجئين.
فبعد أن إنتهت الحُكومة الإسرائيلية من بناء الجدار على الحُدود المصرية قرَر نتنياهو البدء بإقامة جدار على الحدود مع الأردن على إمتداد 240 كلم وبتكلفة تصل إلى 360 مليون دولار أمريكي، حيث يعود قرار البناء يعود لبداية العام 2012 وقد بدأ تنفيذ المخطط مؤخرا بإزالة الألغام من 5000 دونم في تلك المنطقة وقامت بتخصيصها لاحقًا لصالح لإستيطان الزراعي في الأغوار الفلسطينية.
الجدار من جهة الاردن
إن قرار إسرائيل إقامة الجدار على إمتداد الجدود الفلسطينية الأردنية يحمل في طياته أبعادًا وتوابع جيوسياسية يتحملها الفلسطينيين، أولها تكريس السيادة الإسرائيلية على منطقة العزل الشرقية وتوجيه رسالة الى الفلسطينيين ولمن يهمه الامر بأن إسرائيل غير مستعدة لاخلاء منطقة الأغوار ضمن أي إتفاق مع الجانب الفلسطيني حيث إن إحدى لاءات نتنياهو كانت “لا للإنسحاب من الأغوار” بذريعة الحفاظ على أمن إسرائيل. أما ثاني هذه الأبعاد فهى إبقاء السيطرة على الأغوار تعني إبقاء الموارد الطبيعية الغنية الموجودة فيها تحت السيطرة الإسرائيلية بُغية استنزافها وحرمان الفلسطينيين من الإستفادة منها ناهيك عن البعد السياسي لهذه الخطوة الاسرائيلية من ناحية محاولة اسرائيل ترسيم الحدود بشكل أحادي الجانب بعيدًا على المفاوضات إن لم يكن تجاهلا إسرائيليا خطيرًا و متعمدا لإمكانية وجود دولة فلسطينية مُستقبلبة على أساس أن حدود دولة إسرائيل تمتد من البحر المتوسط حتى نهر الأردن فبذلك يكون بنيامين نتنياهو قد زرع لغما جديدا في طريق المفاوضات مع الفلسطينيين.
↧
تقرير:اسرائيل تستخدم المفاوضات للانتقام وليس للسلام
↧