نجيب فراج – لم يعد منزل الاسير احمد رشاد السكني من سكان مدينة غزة خاليا من الاطفال بعد هذا اليوم الذي شهد فيه ولادة توأمه عبر نطفة هربت من خلف القضبان فرزق وزوجته بتوأم ولد وبنت اسمياهما معتز وسوار فدخلت الفرحة المنقوصه هذا البيت بعد ان عم الحزن الشديد ليس فقط على زج الوالد احمد في غياهب السجون لمدة 27 عاما منذ العام 2001 وحسب بلد زاد الحزن الشديد وارتبكت كثيرا نبضات القلب لكل افراد العائلة وذلك في الرايع والعشرين من حزيران عام 2013 حيث فقدت عائلة الاسير السكني ابنه الوحيد طارق في ذلك اليوم الاسود حينما وقع حادث سير مروع لحافلة كانت تقل العشرات من اطفال الاسرى ذهبوا في رحلة تنزهية شمال قطاع غزة وبعد العودة وقع الحادث الاليم فارتقت روح طارق الذي كان يبلغ من العمر 11 عاما الى السماء لتنتشر اجواء الحزن والالم ليس فقط منزل عائلة الاسير زوجته واخوته وعموم العائلة وحسب بلد عائلات الاسرى جميعهم والشعب الفلسطيني الذي حزن كثيرا على فراق طارق، اما الوالد الذي كان يقبع في السجن ولا زال فقد تلقى خبر وفاة نجله الوحيد بمزيد من الصدمة ووقع مغشيا عليه فهرع رفاقه داخل الاسر كعادتهم كي يقفوا مع زميلهم احمد في هذا المصاب الجلل وهم يشدون من عزمه رغم انهم جميعا متألمون
ويدركون ان ما حصل لطارق ربما يحصل لكل واحد منهم لا قدر الله فهذا هو واقع السجن المرير، فطارق ليس الابن الاول الذي يصدم والده الاسير بوفاته بل حصل العديد من مثل هذه الحالات.
بعد اسبوع من وفاة طارق كان هناك الاعتصام الاسبوعي للتضامن مع الاسرى امام الصليب الاحمر فلم يكن موضوعا غير موضوع الحادث الاليم لطارق فجاء اطفال الاسرى وزملائه المرافقين له بالرحلة وقد ادماهم حدث فراقه ورفعوا صوره وهم يبكون كما بكى كافة الحاضرين، خاصة وان طارق قبل نصف ساعة من الحادث قد القى كلمة في احتفال خلال الرحلة، كانت كلمة مؤثرة معبرة لا يمكن ان تصدر من طفل لم يتجاوز في الوقت الحادية عشرة من عمره فقال “ايها العالم النائم ان هناك قطعة من هذا العالم تسمى فلسطين يعيش شعبها حالة من الظلم والبطش فباي حق لا يستطيع الطفل ان يشاهد والده فانا محروم من الزيارة منذ ستة اعوام فابي ليس مجرما وليس خائنا فهو مناضل من اجل الحرية يقبع خلف زنزانة لايصلها الضوء”، ايها العالم اين حقوق الانسان اين الانسانية واطالب العالم باسره الوقوف ضد هذه الجرائم، منهيا حديثه اريد ابي لاسمع صوته وليكون بجانبي حينما اتقدم الى الامتحانات المدرسية”.
هذه الكلمات ابكت الحضور قبل نصف ساعة من الحادث المؤسف فكيف بالحضور حينما سمعوا وشاهدوا ارتقاء روح طارق الى علياء الخلود؟
وبعد عامين من هذه الحادثة دخلت الفرحة وبالتحديد هذا اليوم الاثنين الى المنزل من جديد بشقيقين لطارق من خلال نطف مهربة، انها السعادة بعينها حيث يصف عيسى قراقع رئيس هيئة الاسرى المحررين ولادة توام الاسير احمد السكني بانها مناسبة تجعلنا ان نفرح له، “هذه الثورة الانسانية، والمقصود النطف المهربة التي سمحت لاسرى محكومين احكاما عالية ان ينجبوا اطفالهم بالنطف تشكل ثورة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر العالمية فى اشارة إلى عملية مواجهة انسانية مع الاحتلال الذى يحرم الأسرى من حقهم الطبيعى بالانجاب ، وأن أطفال النطف المهربة سفراء حرية للعالم ورسل سعادة للأسرى ولذويهم”.
وأكد قراقع في حديث لمراسل”القدس”دوت كوم “أن هذه الثورة الإنسانية التي انتهجها أسرانا تشكل بوابة أمل حقيقية رغم الأسلاك الشائكة وعنوان تحدي وبناء للحياة من تحت ركام الموت” .، مقدما التهاني القلبية الحارة للاسير المناضل الصابر احمد السكني ولزوجته الصبورة بهذه الولادة متنين ان يعوضهما خيرا بعد فقدان نجلهما المرحوم طارق، وان يعيشا في كنف والديهما بعد الافراج السريع عن كافة الاسرى والاسيرات في سجون الاحتلال.
يشار هنا الى ان عمليات تهريب النطف من داخل السجون قد بدأت في العام 2012 في عمليات فيها الكثير من الدقة والجهد وقد رأى النور منذ ذلك الحين نحو 34 طفلا وطفلة جراء هذه الثورة الانسانية بامتياز.