نجيب فراج -استضافت جمعية الرواد للثقافة والفنون امسية ثقافية لجماعة الباب الادبية لقراءة نصوص “ظلال قلب” للكاتبة الشابة صابرين فرعون ، ضمن الفعاليات الثقافية التي تنفذها جمعية الرواد بمناسبة مرور 17 عاما على تأسيسها وذلك بحضور رئيس جماعة الباب الأدبية الروائي نافذ الرفاعي والناقد عزيز العصا و عميدة دائرة التربية في جامعة بيت لحم الدكتورة هالة اليمني و مدير عام ومؤسس جمعية الرواد الدكتور عبد الفتاح ابو سرور وعدد من القراء والمثقفين والشعراء والمتطوعين الشباب .
أفتتح اللقاء الروائي نافذ الرفاعي والذي بارك لجمعية الرواد بمناسبة مرور 17 عاما على تأسيسها ، داعيا لرفع القبعة تحية لهذا الصرح الثقافي الذي استضاف أكثر من حدث ومناسبة ثقافية وفنية ، مؤكدا ان الرواد ساهم في تطوير الحركة المسرحية على صعيد الوطن ومن خلال اكتشاف المواهب الفنية والثقافية والمسرحية التي تدعم التغيير في الإنسان رغم قلة المهتمين بالادب في العالم في ظل كون الادباء والموسقيين والشعراء الاكثر تأثيرا في العالم ، معتبرا أن الرواد هو صانع تأثير في المجتمع والذي يزرع بداخلنا الثقافة والفن من خلال الكلمة و الموسيقى و التمثيل ليصبح الفن أفضل واجمل رسالة ، آملا ان يتعمق ويتقدم للامام ويكون حضناً دافئا لكل اصحاب الكلمة .
هذا ورحب الرفاعي بالكاتبة صابرين فرعون ، الكاتبة التي لها ولكلماتها مذاق خاص ولغة خاصة حسب تعبيره ، كونها تضع لغة جميلة تجمع بين النثر والشعر مليئة بالاحلام وهي تعبر عن حزن وعذاب والم الوطن ضد الاحتلال والوضع المأساوي الذي يعشيه الشعب الفلسطيني ، والنصوص التي توجت بعنوان في ظلال قلب .
من جهته هنأ الناقد عزيز العصا جمعية الرواد ومؤسسها على روح المبادرة مؤكدا انه يتوجب ان يكون هناك مبادر ومؤسس لكل شيء متميز ، معتبرا جمعية الرواد مؤسسة لها اهمية قسوى لانها من وسط الدمار تزرع الورود ، وان ما قام به مؤسس جمعية الرواد الدكتور عبد الفتاح ابو سرور هو احياءا لما حاول الاحتلال انهاء وجوده تاريخيا وثقافيا وفنيا من خلال ايجاد هذا الصرح الثقافي والفني ، والذي هو وامثاله لقنوا العالم درسا مهما وافهموه ان الشعب الفلسطيني حي وسيبقى حي رغم الدمار وانه سيعود لأرضه يوما كونه صاحب حق وحضارة .
الناقد العصا قدم قراءة شاملة ووافية لنصوص ظلال قلب للكاتبة صابرين فرعون والتي اعتبرها كفتيات جيلها ، فتاة في مقتبل العمر تكتب وتستمر لتكتب لكي لا تدع للدموع والالام والعذابات متسعا من الاثر والتأثير على حياتها ردا على قسوى الحياة وشراستها ، داعيا ابناء جيلها للكتابة وتفريغ همومهم على الاوراق والتي سيأتي يوم ما لتصبح لكتاباتهم أثر في حياتنا جميعا .
وأضاف العصا وصفا ادبيا للنصوص معتبرا ان صابرين فرعون ترمي بمراره حياتها اليومية في معصرة الكتابة لتنتج افكارا جميلة ونصائح غنية ورؤى تنبض بالمحبة والنظرة الايجابية للحياة ، ونصوص ظلال قلب التي تحتويها 117 صفحة هي عبارة عن لؤلؤة التقطت من البحر الهادر الذي تعيشه صابرين وجيلها من عذابات وقسوة الحياة ولكنها وضعت هذه اللقطات على شكل نصوص ، فنحن امام 43 نص موزع على قسمين رئيسيين ضم 14 نصا تحت عنوان عريض ” وطن ضائع ” و 29 نصا تحت عنوان ايات الغيب ،و منذ السطر الاول ومن الكلمة الاولى تبلغنا الكاتبة بانها تكتب لكي يبرا الجرح ولتظمأ الارض ولنبقى على قيد الحلم ، وتختمها بعبارة “يتوقف القطار كي ينزل المسافرون ويصعد اخرون ليقعوا في فخ الغرباء “، وانه بالفعل اسلوب عملي للرد على قسوى الحياة وظلمتها ، فيما كان الوطن والقضية حاضرا بالغالبية العظمى للنصوص ، وارتكزت للحديث في البداية عن كنعان وكنعانية الجذور التاريخية ، ونعتت الاحتلال بالغول ووصفت بطشه على هذه الارض ، و عادت لتبث الامل بالنصوص مرة اخرى وتتحدث عن الارادة الحرة المقاومة من خلال مفردات ومعاني جميلة ،، واختتم العصا حديثه بالوقوف امام كاتبة واعدة ستكون ذات شان ان استمرت ساطعة بنفس الوتيرة التي لمسها بنصوصها التي احتوت جمالا انثويا وصبغة تطغوا عليه الانوثة والتعصب للمراة ، واضاف بان النصوص مشبعة بالبلاغة والرمزية ، مع وجود بعض الاخطاء الشكلية في التنقيط والتشكيل فيها ، ويجب ان تعترف الكاتبة بان اللغة الشعرية طاغية على النص ، والنصوص اقرب الى ديوان شعر أكثر من كونها تحت مسمى نصوص ، معتبرا هذا المسمى هروباً من التسمية الحقيقية لان اللغة الشعرية هي اللغة الطاغية في النصوص .
ورها أعتبرت استاذة الدراما وعميدة كلية التربية في جامعة بيت لحم الدكتورة هالة اليمني ان ظلال قلب من النصوص التي أستوقفتها من الصفحة الاولى ، فالحديث عن عرص الحرف يعطي شعورا جميلا يصور فتاة صغيرة تتحدث عن الوطن بصورة جميلة لا يراها إلا الاجيال التي عايشت الوطن ومعالمه ، مؤكدة ان الكاتبة اضافت لمفهوم الوطن لدى القارئ شعورا بشمولية القومية العربية ، وان النصوص تدعوك لمتابعة قرائتها بشكل متواصل لقدرة الكاتبة على نقل ما باعماقها للنصوص ، حيث اشادت الدكتورة اليمني بتوصيف الكاتبة للعلاقة بين الرجل والمراة وإظهار جمالية الحب وتصوير الواقع بصورة طاغية باحساس وادب مرهف ، ومن خلال التعبير عن المراة باسهل ما يكون واجمل كما يكون مستخدمة مزيج الالوان والرسائل العفوية الصريحة .
من جهة أخرى ابدى الكاتب والمخرج المسرحي ومؤسس جمعية الرواد الدكتور عبد الفتاح ابو سرور إعجابه بنصوص ظلال قلب والتي بدأت بقبلات الياسمين وانتهت بانفاس الياسمين ، متصورا ان هناك تلاعب على الكلمات بين جزء واخر إلا ان الربط بين عرس الحرف وإنهائه بانفاس الياسمين والصعود لقبلات الياسمين كان جميلا جدا ، الا ان الغياب الكامل لما كنا نحلم فيه ووصف الكاتبة نتيجة الثورة وثورة الحجارة وكل هذه المعاناة بجفاف زرع البستاني يذكرنا بكاريكاتيرات الفنان الفلسطيني ناجي العلي عندما يصور لنا بنادق الثائرين تتحول لمكانس وهذا البستنجي الذي من المفروض ان يزرع وينمي الازهار جعلته الكاتبة يتوقف عن الزراعة ، وأضاف الدكتور ابو سرور ان النصوص تحتوي على عنف داخلي وربما هو انعكاس لعنف محيط بنا كشعب وبدرجة كبيرة العنف المحيط بها كأنثى ، وانه رغم وجود وضوح وشفافية للنصوص كشفافية الماء إلا ان غموض الغيوم وما تخبئه الغمام من تلبد احيانا يؤدي الى روح حائرة ومعذبة تلعب على الحروف والكلمات وتقود القارئ في طرقات متفرعة وضيقة احيانا وواسعة المساحات احيانا اخرى ، وتقودنا للسير في متاهات بين الحنين للماضي والحاضر والمستقبل . معتبرا ان النصوص مليئة بالمشاعر التي تعبر عن ما في النفس وما حولها لافتا لحضور المراة ومشاعرها واحساسها وحضور الموت والدم بشكل كبير في النصوص والذي يعكس ثقافة المجتمع بشكل عام ، حيث تعبر الكاتبة عن خجلات العنف الداخلي الموجودة فيها من خلال الكلمات والاحرف التي تصارع بانفاسها لتخرج بشاعرية طاغية يصعب فهم بعضها لكثرة الغموض فيها .
واختتم الدكتور أبو سرور حديثه مهنئا الكاتبة صابرين فرعون على نصوصها معتبرها اياها كاتبة لديها حضور وطريقة في التعبير، فيما اكد على ضرورة القراءة والتي يتوجب على كل من يكتب أن يثري من لغته بالقراءة ، فنحن بحاجة لنقرأ وخاصة ما يذكرنا بجذورنا وتاريخنا وحضارتنا .
وفي ختام الامسية الثقافية تقدمت الكاتبة صابرين فرعون بالشكر من جماعة الباب الادبية وجمعية الرواد على هذه اللفتة الرائعة والقراءة الجميلة لنصوصها مؤكدة على استمرارها بالكتابة وحرصها على ذلك حيث انها تعمل على انهاء كتابة روايتها الجديدة التي سترى النور قريبا ، فيما اعتبرت استخدامها لمصطلح نصوص هو يقينا منها لابتعادها عن مدرسة الشعر التي هي بحاجة للكثير من الوقت حتى تعبر الطريق إليها مكتفيه باعتبار كتاباتها نصوصا ادبية تعبر فيها عما يجول من إحساس ومشاعر .
هذا وتخلل الامسية فقرات فنية قدمت فيها فرقة كورال جمعية الرواد مجموعة من الاغاني الوطنية الفلسطينية والشعبية باللغتين العربية والإنجليزية .
–